الرئيسية الاخبار   Print

الشباب ضد (التمكين) للحل الاسرائيلي !

 

بقلم بكر أبو بكر   
في مقر مركز العالم العربي للبحوث والتنمية (أوراد)، في رام الله، وتحت عنوان "السيناريوهات وتأثيراتها على المستقبل الفلسطيني واتجاهات المجتمع الفلسطيني" أدار د. نادر سعيد الندوة التي ضمت نخبة من السياسيين والمثقفين والإعلاميين. ولأن الدكتور نادر سعيد مثقف وذو فكر علمي وعملي، فلقد وزع ورقة على الحضور تتضمن طلباً ل 5 سيناريوهات (بدائل) متوقعة، والعوامل والأولويات والتأثيرات المتعلقة بها، فأجاب البعض  كتابة، وتحدث وأسهب الآخرون في عرض رؤياهم حول البدائل (السيناريوهات).
 
البدائل (سيناريوهات) الوضع الفلسطيني
 
لأن التفكير والحوار يدخل في باب التوقعات أو التنبؤات وربما الأحلام أوالكوابيس، فلقد أعمل الكثيرون خيالهم ليعرضوا الخيارات والبدائل المتوقعة ما بين متعدد مثل: استمرار وإمكانية تحقق حل الدولتين، أو قيام دولة ثنائية القومية حسب المزاج والتفسير الاسرائيلي، أو قيام دولة "كومبرادور" و(معازل)، وتجرأ أحدهم لتوقع قيام حلف عربي – اسرائيلي .
 
وكان من السيناريوهات المحتملة أيضاً بقاء حالة الجمود السياسي بين السلطة و(اسرائيل)، وبين "حماس" وحركة "فتح" بمعنى "أننا نحمل برنامج المقاومة كما نقول في حماس وهم في فتح يفاوضون" في اتفاق غير مكتوب وما يعنى استمرار الكيانين في غزة والضفة  يتنفسّان، والذي يؤدي عمليا لتقسيم الوطن.
ومن البدائل (السيناريوهات) التي طرحتها الأخوات والإخوة -في ندوة "أوراد" الهامة –في يوم الأربعاء 29/4/2015 - تحقيق دولة فلسطينية ومصالحة، وبديل (سيناريو) آخر يتمثل باتفاق الاقليم على إنهاء "حماس" ، كما طُرح خيار أو  بديل (=سيناريو) الانسحاب الاسرائيلي لما وراء الجدار كما فعلت بالانسحاب الأحادي من غزة والذي أدى للانشقاق الفلسطيني عمليا، ولم يغب عن الحضور امكانية قيام اتحاد تعاهدي (=كونفدرالي) مع الأردن أو العودة لمبادرة جنيف .
 
 ومابين طروحات امكانية التدويل للقضية، أو إدارة الانقسام والانقلاب (وليس الحل) (انقلاب حماس في غزة عام 2007) ، برز من بين الحضور تأكيد على احتمالية قيام الثورة الشعبية على حكم "حماس"، أو الانتفاضة الجماهيرية والشبابية ضد المحتل، ولم يغب عن البدائل (السيناريوهات) المحتملة أن تقيم (اسرائيل) دولة "يهودية" كاملة على فلسطين التاريخية بمعنى أن تضم الضفة بسياق مشروعها المعروف،وطرح أحد الاخوة امكانية طرح السلطة لقطاع غزة كإقليم متمرد متسائلاً ماذا بعد أبو مازن؟ أين حركة فتح من ذلك؟
 
ولم يغب عن البال السعي الصهيوني لاقتلاع الشعب الفلسطيني وطرده كما حصل في النكبة الاولى مستغلا فوضى المحيط العارمة، وملايين اللاجئين في كل مكان،  كما لم يغب عن المتحدثين حل الدولة الديمقراطية الواحدة العادلة في كل فلسطين.
 
أما انهيار السلطة أو حلها بوفاة أو غياب الرئيس محمود عباس فكان سيناريو مطروحا إلى جانب امكانية أن يتم ذلك بفعل فاعل . وما بين هذه المتوقعات أوالبدائل أو الاحتمالات المحلوم بتحقيقها، أو تأمل عدم حصولها اخترت أن أتحدث في بديل (سيناريو) واحد فقط .
 
بين تيار ممانعة المصالحة والدولة
 
إن الفصل ما بين قطاع غزة والضفة الغربية يقفز أمام شاشة أعيننا ليصبح في المقدمة بالأقوال الكثيرة والأفعال المُعيقة، التي تأتينا يومياً من تيار (الممانعة للمصالحة) في غزة أساساً أو في الضفة، وهو قد يكرّس ذلك فعلاً (عبر الفعل) جغرافياً وسكانياً بل وثقافياً، وما تحض عليه وتدعمه بقوة التحركات السياسية الاسرائيلية مع  قيادة غزة من "حماس" أساسا ومع البعض في السلطة الفلسطينية.
إن تحقق الفصل بين كيان غزة وكيان الضفة أكان عبر إحداث القطيعة مرة ثانية مع السلطة الفلسطينية، أومن خلال إنشاء جسم جديد يدير نفسه في غزة (أنظر تصريحات الزهار والظاظا وأحمد يوسف وغيرهم) تحت أي مسمى، هو مما يتقاطع مع مصالح الفئة الفلسطينية الباغية،ومع أهداف الفكر الإخواني القطبي الذي يتجاهل القائم ويحلم بالمأمول (اسلامويا) ويفترض بذلك تحقيق (التمكين) متمثلاً بالقبض على عنق السلطة ولو على حساب الوطن عامة، لأن الفكرانية (الأيديولوجية) الاسلاموية ذات طبيعة عالمية السيطرة لا تعترف بالحدود، وبالتالي لا تعترف بالبُعد الوطني، ولا تقيم له من الوزن إلا من خرم واقعية (براغماتية) بعض زعمائها.
 
الانتخابات الى أين؟
 
إن (التمكين) الاسرائيلي من خلال تحقيق السيادة والسيطرة والتحكم في جناحي الوطن، يُسهم قطعاً في ضمان الأمن الاسرائيلي الشغل الشاغل لكل الحكومات الاسرائيلية ، بل وينعش الاقتصاد الاسرائيلي مع الطرفين الفلسطينيين، ومع العالم، ويعطي فُرَصاً للإسرائيلي لفك الطوق الذي لفه أبومازن على رقبته دولياً .
 
إن امكانية أن يجازف الرئيس أبو مازن ويعلن البدء بالعملية الانتخابية دون التنسيق مع "حماس" أو دون الربط مع الملفات الأخرى التعجيزية التي تصر عليها "حماس"، هو أمر وارد بشروط وضمن رؤيا متكاملة لن نخوض بها هنا، وبالتالي أن يكون هناك احتمالية لعقد انتخابات قد لا توافق عليها "حماس" مطروح للبحث،وقد توافق عليها حماس في المحصلة إن استندت لضمانات قطرية تركية توضح أن حماس لن تكون خارج النظام السياسي الفلسطيني،أو إن اقتسمت كعكة (م.ت.ف) مع الآخرين.
 
 وقد يصطدم هذا البديل (السيناريو) الانتخابي بتفاصيل آليات الانتخابات في غزة في ظل سيطرة "حماس"،وإصرارها على ضمان النتيجة برفضها الخسارة كمبدأ ، فأي انتخابات لا تفوز فيها حماس فهي باطلة شرعا (مثال إلغاء نتائج اتحاد المحامين مؤخرا) أو أنها تُحدِث انشقاقاً كما حصل مع نقابة الصحفيين، أو تستولي على الاطار-المؤسسة.
 
أين الانتفاضة؟ والعوامل الخمسة للصراع
 
  ينظر الفلسطينيون لفرضية تحقق (التمكين) الاسرائيلي وتواصله أنه ليس قدرا لا راد له يقطع أنفاسنا وحياتنا، فإمكانية الانتفاضة على المحتل هي جزء من مكونات الشخصية الفلسطينية الثائرة، وهذا وارد دوما نعم ، لكنني في المدى المنظور أعتقد أن هناك 5 عوامل تتحكم بطبيعة الصراع ما لم يحدث متغيرات جديدة متسارعة (دراماتيكية)، وفي أولوية النظر أو تحقق أي بديل.
 
مواقف الشقيقين اللدودين
 
أول العوامل المتحكمة بالصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، خاصة في بُعده المتعلق بخيارنا الفلسطيني كأطراف أو طرفين، هي المواقف الداخلية المتعارضة، حيث يعلم الجميع أننا بمواجهة مفتوحة حقيقية بين فكرانية (أيدولوجية) وبين منظومة سياسية بالمقابل، الأولى تمثلها "حماس" والثانية تمثلها السلطة والمنظمة وحركة (فتح) معا -كما تعاملهم حماس كواحد بلا تمييز- بمعنى أن مفاهيم الشراكة (ما يفهمها البعض الاقتسام) لا تحظى بالقبول لدى فكرانية (=أيديولوجية) "حماس" والإخوان المسلمين ، أو بالأدق لدى التيار القطبي الانعزالي المتحكم حاليا (أنظر مؤخرا تصريحات كمال الهلباوي حول ازدياد تمكن هذا التيار)، فإما نحن وإما هم (مدرسة المقدّس مقابل المدنس "راجع: د.عبدالله النفيسي في كتابه الحركة الاسلامية ثغرات في الطريق"، الحق والباطل والمقاومة مقابل الاستسلام، والإيمان مقابل الكفر أو المرتدين أو العلمانيين ....الخ)،وهذا خطر فكري اجتماعي تعبوي ينعكس سياسيا، سيتعاظم شيئاً فشيئاً في ظل تخبط المحيط.
 
 وفي المواقف الداخلية وتأسيساً على الخلاف الأيدولوجي أو اشتقاقاً منه يظهر برنامجين سياسيين مناوئين أو متصادمين أحدهما يعوّل كثيرا على المقاومة الجماهيرية بكافة أشكالها المقرونة بالحراك الدولي والعربي فقط، والآخر يرفع سيف المقاومة العسكرية ، ويسعى لتثبيت حُكمه في غزة عبر تهدئة طويلة الأمد مع الإسرائيلي، ولوكان ثمن "الحكم" والسلطة هو بالانفصال.
 
وفي الإطار الوطني أيضاً يظهر جلياً العلاقة التنافرية وعدم الثقة بين الطرفين الاستقطابيين في فلسطين، أي بين حركة "فتح" و"حماس"، بتيارات صب الزيت على النار فيهما، وبوضوح بين مدرسة الرئيس عباس السياسية الواقعية، وبعض قيادة حماس المتنمرة، وهي القيادة التي أشار الرئيس أبومازن مطولاً في خطابته مستعرضا خذلانها له عبر تعاملاتها معه شخصيا وسياسيا، لممارستها الخديعة والتحايل أو الخروج عن المصداقية (منذ اتفاق مكة عام 2007، ثم في الحوارات اللاحقة حتى القاهرة 2012، حتى الحملات التخوينية والتكفيرية والتشهيرية المتواصله عبر فضائيات حماس ومواقعها حتى اليوم ..)، وكذلك الأمر فيما نراه من تصريحات نارية ثأرية خارجة عن لسان الأدب والاحترام والخُلُق عند كثير من متحدثي "حماس" الكُثر ضد "الثلاثي العدو وليس الند او الخصم" بالنسبة لهؤلاء وهم السلطة وفتح وعباس.
 
إذن يصبح العامل الداخلي في المنهجين والبرنامجين السياسيين المختلفين إضافة إلى فقدان الثقة المتبادلة والتنافر عوامل حقيقية، تُضاف لما سيلحق والتي تجعل الأرض مفتوحة فقط للغِراس الاسرائيلي والتمكين العبري، ولمن يسعى لفصل الوطن أو تقسيمه.
 
رياح التغيير في الاقليم
 
أما العامل الثاني في متغيرات الصراع فهو مقدار أو إمكانية تغيّر أو تبدل مواقف القوى الفاعلة في الاقليم من القضية الفلسطينية (الحلف العربي مقابل المحور الإيراني، والمحور التركي).
 
إن القضية الفلسطينية كما هو بيّن وجليّ اليوم أصبحت في ذيل الاهتمامات العربية والاقليمية مهما علا صوت البعض وبيانات الجامعة العربية، خاصة وأن المحور العربي الذي استجمع قواه لأول مرة يواجه حربا شعواء ثلاثية الرؤوس، لا سيما والمحور الايراني يتغلغل في المنطقة العربية، وكما يواجه حرب نفوذ مقابل المحور التركي الامبراطوري، وأيضاً ضد التيارات التكفيرية ما يجعل من إعادة بناء خريطة القوى لتعود فلسطين ملهماً وأولوية لدى الأطراف وكأنه بحث عن معجزة.
 
 
تقبل سيولة الإقليم والفوضى
 
 أما العامل الثالث في الصراع الحالي فهو القرار الاستعماري (الكولونيالي) بترسيخ "إرادة التقبّل" في الاقليم. التقبل، لماذا؟ إنه التقبل للتفتت والفوضى (الخلاقة) وللتشرذم وللميوعة والسيولة الحاصلة ما بين خلائط الدول والتنظيمات والتدخلات الأجنبية في مساحة بحيرة النفط والبقاء الإسرائيلي المهيمن إلى الأبد.(لاحظ قرار الكونغرس بتسليح المكونات الثلاثة في العراق كل على حدة، وبشكل مباشر في 30/4/2015)
 
 فكيف يكون الحال في ظل وضع مأزوم في الاقليم العربي ولكنه مُتقبّل؟ أنه وضع فريد في سيولته ولكنه متقبل! في هذا الوضع لم لا يتم تقبل الوضع الفلسطيني الذي لم يعد يختلف عن الوضع العام؟
 
 في ظل هذه الأفكار للمحاور ذات الطابع فوق الوطني-القومي، التي تستخدم القضية الفلسطينية– كما هو حاصل دوما – لمصالحها فإن امكانية الدفع بحركة "حماس" للانفصال مقابل الرعاية والدعم والتقبّل يُصبح هدفاً لهذه القوى الاقليمية، وخاصة تلك المتحالفة مع رؤيا الاخوان المسلمين،أو مع السعي الإيراني للهيمنة، في حروبها التي لا تفيدنا كفلسطين بشكل مباشر.
 
الطبطبة الأمريكية
 
 في العامل الرابع يبرز جلياً الدور الأمريكي المتهاون مع الاسرائيلي والمسرور و (المطبطب) الرابت على كتف الاسرائيلي بحنوٍ شديد، والساعي باعتقادي لترسيخ التفتت والفوضى والسيولة في الإقليم، وأمن (اسرائيل) رغم مشاركته في اعادة ترتيب الاقليم وأن بخجل ، لا يماثله أي خجل من دعم الاسرائيلي عملياً لأطراف في الفوضى العربية، في ظل تصريحات امريكية يظنها البعض تتجه نحو الضغط على (إسرائيل) سواء عبر ما يُثار من مقترح نيوزلندي أوفرنسي، أواستناداً لتصريحات الرئيس أوباما حول الدولة الفلسطينية.
 
نتنياهو السعيد
 
في العامل الخامس تظل أمريكا مظلة (إسرائيل) في كل الأحوال التي تقيها حرّ الثورات أو الحراكات الدولية وتدفع عنها الانهيار،فيعود "نتنياهو" السعيد لمواقفه المتصلبة التي لم يخرج منها في حقيقة الأمر، ولم لا يفعل ذلك؟ أي بأن يستمر في تصلبه ورؤيته الاستعمارية الاحتلالية والتاريخية الفاسدة؟ ما ستكشف عنه حكومته اليمينية القادمة. لم لا يفعل ذلك وخيوط اللعبة الاقليمية   يجد دوره فيها مثاليا، والاستقرار النسبي الداخلي هو حصنه الحصين؟
 
 
الشباب ونثر الرماد
 
بلا شك أن عامل التغيير الأساسي في الصراع القائم، وفي مستقبل القضية الفلسطينية بين العودة للاشتعال لظى ثورية، وتحقيق النصر، وبين الانطفاء ونثر الرماد كما أفهمه جيدا هو الإنسان، الانسان الفلسطيني ومن ورائه العربي، وخاصة الشباب ، وعبر الإرادة والثقة والإيمان بالفكرة وبالذات وفعل الإقدام ما يجب أن تتحلى به الأطر(في كافة التنظيمات) والحراكات الشبابية التي تُعلي (أو يجب أن تفعل ذلك) من قيمة الوطن على حساب الحزب، وتُعلي من قيمة الأمة على حساب الولاء للدعوة ، وتُعلي من شأن الاسلام على حساب الطاعة العمياء للجماعة (الميت بين يدي المغسل) ، وتُعلي من شأن فلسطين قبل حركة فتح ، وتقدم الجماعي على الفردي وترفض الاستبدادي.
 
 فإن كان لمفاجأة أن تحدث في فلسطين لتغير مسار البدائل (السيناريوهات) المتوقعة، وتعيق مخططات إسدال الستار على القضية الفلسطينية، فهو في هذه الأطر والحراكات الشبابية والأفكار الجامعة (المتحالفة مع دعم الكبار) كما هو في فكر حركة فتح الثوري النهضوي ، إنها الأطرالتي وإن تم استقطاب غالبها بين حركة فتح وحماس واليسار، إلا أنها تستطيع أن تخرج من شرنقة الفكر الاقصائي الأحادي، وتعي مقدار أهمية الوطن الجامع والشراكة ومن هنا يأتي النور .
 
إننا نفتقد لخمسة متطلبات تستطيع أن تعيد تركيب معادلات الصراع وفق ارادتنا الوطنية إن امتلكنا الشجاعة والقرار، وراكمنا الثقة وآليات التواصل.
 
متطلبات الخروج من المأزق
 
إن متطلب الخروج من مأزق المرحلة أولا هو: عبر السعي الحثيث للمشاركة في الفضاء الواحد، والفضاء (أو المساحة) الواحد الذي يجب أن يكون لا خلاف عليه بتاتاً هو الوطن الذي يجمعنا ، لذا فإن تكريس ثقافة الحوار وتقبل الآخر (على الدولة واجب إدارة التعددية لا إدارة التوحش كما قال راشد الغنوشي مؤخرا) دون مطلقيات أوآراء معلبة، أو تكفير أو تخوين أو تشهير يُعدّ متطلباً رئيسياً ، لا يأتي إلا عبر (القطع) مع عقلية (أنا مقابل هو/هم) ثم مد الجسور بمحبة ما قد يؤسس لاحقاً لبرنامج مشترك.
 
أما ثانياً: فإن الدمج داخل أُطُر(هياكل/مؤسسات) مشتركة هو مما لا بد منه، إذ لا يمكن أن يقصد بالحوار هو الجدال العنيف والشرس عبر الفضائيات أوعلى مساحات وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما من خلال إطار جامع والإطار المؤهل لذلك مازال حتى الآن هو (منظمة التحرير الفلسطينية) التي تحتاج لضخ دماء جديدة كثيرة، ولإعادة هيكلة جادة وفق متغيرات الحال والذي أظنه قد قُطع فيه شوطا كبيراً من خلال لجنة المنظمة التي ترأسها الأخ سليم الزعنون.
 
 أما ثالثاُ: فلا بد من عزل المساجد كلياً عن الدعاية الحزبية والتنظير لفكرة أوسياسة محددة ضد أخرى فالكل شريك بالإيمان وشريك بالوطن، وما المساجد إلا لله ، فلا يجوز أن ندعو فيها لأحد أكان قائدا سياسيا أو حزبيا أوندعو لبرنامج حزب أو تنظيم جهرا أو مواربة أو باستغلال الآيات القرآنية استغلالا بشعا، ما جعل من الأمة العربية من حولنا اليوم في حالى يرثى لها في ظل التمدد السرطاني للتنظيمات الاسلاموية و"الفوضى الجامعة".
 
يحق لكل تنظيم/حزب/جماعة أن يحتفظ بفكرانيته (ايديولوجيته) في ظل قبول الآخر المختلف كليا، وليس المتوافق معه فقط وبشكل سلمي تداولي، مع دعواتنا المستمرة للنقد والمراجعة والتغيير لدى الجميع بما فيها حركة فتح بالطبع بل وأولها، ولكن ما لا يجب الاختلاف عنده أن أصبح أنا (الذات العُليا=المقدس) وكذلك الأمر مع الفصيل الذي أمثله، ما يعني في هذه العقلية ممارسة الإخضاع  المتعمد لفكر وتوجهات الناس باتجاه أوحد ومحدد، ما لا يؤسس مطلقاً لدولة مدنية ديمقراطية تعددية جامعة. 
 
يحق لنا أن نتساءل هل حسمت التنظيمات الاسلاموية قرارها بشأن الديمقراطية التعددية كثقافة شاملة؟ وبشأن الانتخابات ليست لمرة واحدة ؟ وبشأن المجتمع المدني دون "استعلاء" على الآخر؟
 
وفي العامل الرابع المؤثر بالبدائل والصراع والقضية: لا شك أن العامل الاقليمي له الدور الكبير خاصة في هذه المرحلة من تحول الأمة إلى حُطام ، ومن انهيار المناهج والقيم وكثير من المسلمات السابقة، ومن حِدة الاستقطابات فيها، مايعني ضرورة أن يتم التوافق فلسطينياً أولا، وهو التوافق الذي يؤسس لاستبعاد التدخلات الاقليمية كمبدأ، والا سنظل نرفل بثياب الذل والمهانة الحقيقية التي يراها البعض عالمية، وماهي الا خضوع، ولا وطنية، بل وضد الدين .
 
أما خامساً: فلا مناص من فكفكة حِدّة الاستقطاب الثنائي ما بين حركة فتح ومابين "حماس"، الذي يبرز من خلال دور المستنيرين لدى الجميع، وخاصة التنظيمات والأطر السياسية الفلسطينية وعلى رأسها اليسار اليوم، والحراكات (والأطر) الشبابية والطلابية، و ب"آلية القطع" بتطليق فكرالمطلق وفكر المعسكرين (هو: فكر المناوأة والمناهضة والعداء للآخر) في ذات الايدولوجية والتعبئة الداخلية التي نراها تأخذ حيزاً في خطاب المحدود في حركة فتح ، ونراها تمثل دليلا إرشاديا مُلزما في التعبئة الداخلية لدى "حماس"، ويعبر عنها نواطقها الاعلاميين بوضوح.
 
قد لا أكون قد قلت كل ما سبق تفصيلا في ندوة د. نادر سعيد، لأنه صارم  بما يتعلق بالوقت وضرورة إعطاء فرصة الحديث للجميع، ولكنني أشرت للكثير في زمن قليل باعتقادي ، لأختم بالقول: أن خيار (التمكين) الاسرائيلي هو خيار داهم وواقع ومقبل وقابل لأن يتم تقبله، وقابل لأن يعيد تشكيل مستقبلنا، إلا إذا؟

 

AWRAD experienced staff and experts conduct high-quality independent research, and produce innovative recommendations and policy solutions. AWRAD's motto is "Quality Research Matters".